بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أعاني من مشكلات تسبب لي التأخر في دراستي، وهي:
1 - سرعة التشتيت الذهني وعدم القدرة على التركيز.
2 - لا أستوعب المعلومات أو الكلام بسرعة، وأحتاج للاستيعاب إلى أضعاف ما يحتاجه غيري.
3 - وكنت أمارس العادة السرية، وقد تركتها منذ حوالي أسبوعين، أتساءل هل لها تأثير على النشاط الذهني؟
أرجو أن ترشدوني لحل هذه المشكلات التي تسبب لي التأخر في الحياة، وما أسبابها؟ وجزاكم الله تعالى كل الخير لما تقدمونه للأمة الإسلامية.
الحــــــــــــــــــــل
الأخ المرسل بعد التحية، إن أول خطوة لزيادة الحفظ والاستيعاب هي زيادة الانتباه والتركيز في الشيء الذي يتعلمه الإنسان؛ ولذلك فإننا نلاحظ زيادة هذا الأمر عند الأطفال؛ حيث إنه ليس لديهم ما يشغل تفكيرهم أو يشتت ذهنهم الخالي تقريبًا من كل هموم الدنيا.
فنجد الطفل أول ما ينشأ بحفظ معاني الكلمات من أول مرة ثم لا ينساها بعد ذلك، ويرجع علماء النفس الفروق الفردية بين إنسان وآخر في القدرة على التحصيل والاستيعاب إلى مسألة الانتباه والتركيز.
وهناك مقترحات معروفة لزيادة الانتباه والتركيز، ومن ثَم زيادة التحصيل والاستذكار، وهي تشمل:
أولاً: توفير البيئة الخالية من المشتتات، سواء عن طريق السمع أو البصر، وتقليل ذلك إلى أقصى درجة ممكنة.
ثانيًا: أن يكون الإنسان محبًّا للمادة التي بصدد استيعابها، وكلما زاد هذا الحب ازداد التركيز والاستيعاب.
ثالثًا: أن يتم عرض هذه المادة بطريقة شيقة تثير شغف الإنسان؛ ولذا نجد أن استيعاب الإنسان للمواد الفيلمية والكومبيوترية يكون أكبر من طريقة الاستذكار العادية، وهذا ما دفع علماء النفس والتربية إلى تطبيق المبادئ الآتية في عملية التعلم خاصة مع الأطفال، وهي: كيف تجعل التعليم ممتعًا، والتعلم عن طريق اللعب، وكيف تصنع جوًّا آمنا ودافئًا داخل الفصل.
رابعًا: أن يحاول الإنسان أن يجعل لكل شيء يتعلمه بعض التطبيقات العملية؛ ولذا نجد المواد المصحوبة بأجزاء عملية تثبت في الذهن أكثر من المواد النظرية. وإنني أذكر الآن أحد الزملاء عندما كان يتابع أحد طلبة المرحلة الابتدائية من ذوي الرسوب المتكرر، ويعلمه مبادئ عد الأرقام عن طريق حبات الفول السوداني، ويعلمه مبادئ القراءة عن طريق قراءة اللافتات الموجودة بالمحال التجارية والشوارع، وأتى ذلك الأمر بنتائج باهرة.
خامسًا: الاستذكار بأكثر من حاسة كالسمع والبصر، وتسميع النقاط الأساسية بالكتابة يؤدي إلى زيادة التركيز والانتباه.
سادسًا: زيادة التركيز والانتباه عن طريق حل الأسئلة، فطرح السؤال يثير شغف الإنسان للإجابة عليه، وعند ذلك يكون التركيز لمعرفة الإجابة أكثر ما يكون.
سابعًا: الاستذكار مع أحد الزملاء النابغين والمجتهدين يُدخل الإنسان في جو الاستذكار ويخرجه من دائرة الوحدة والمشتتات الذهنية.
ثامنًا: بعض علماء النفس يصف عملية التعلم في صورتها المثلى بأنها عملية أخذ وعطاء واستقبال وإرسال، يسعى فيها الإنسان إلى تعليم كل أو بعض ما تعلمه، وهذا يؤدي إلى تثبيت المعلومات في ذهنه، سواء في الجزء الذي يعلمه أو حتى باقي الأجزاء الأخرى؛ ولذا نجد المعلم عادة ما يحفظ مادته عن ظهر قلب مهما كان مستواه العلمي أثناء الدراسة.
تاسعًا: التخصص، وكلما تخصص الإنسان في فرع معين من فروع المعرفة ألمَّ به بصورة أكبر من جميع الجوانب، وذلك لا يمنع من أن يكون له اطلاع على المجالات الأخرى، وهذا الأمر عقبة كبيرة بالنسبة للطلبة العاديين الذين لم يتخصصوا بعد في فرع من فروع المعرفة.
وبالنسبة لممارسة العادة السرية، فإن بعض الشواهد تؤيد أن ممارستها يؤدي إلى التشتت الذهني وضعف التركيز، وهذه الأعراض عادة ما تختفي عند التوقف عن ممارستها؛ فيزداد التركيز ويقوى الحضور الذهني مرة أخرى.