بسم الله الرحمن الرحيم، أشكر لكم جميع جهدكم في بناء هذه الصفحة البناءة والمفيدة، في الواقع إنني بعد قراءتي لعدة مشكلات معروضة في هذه الصفحة تولدت لديَّ رغبة في استشارتكم في موضوع أرقني كثيرًا؛ فأنا أعمل معيدة في إحدى الكليات، وقد عملت في التدريس بمشاركة أعضاء هيئة التدريس في الكلية لمدة عام، وبعدها سافرت لإكمال دراستي العليا.
وفي أثناء عملي بالكلية شعرت أن كثيرًا من طلابي قد منحوني الثقة، سواء كانوا ذكورا أو إناثا، وقد كانوا يترددون على مكتبي ليطرحوا لي مشاكلهم التي تؤثر على دراستهم أو التي تواجههم في حياتهم الاجتماعية لأساعدهم في حلها.
ولله الحمد قد استطعت أن أساعد معظمهم، ولكن جلوسي معهم لمناقشة هذه المشاكل كان يأخذ كثيرا من الوقت.. وربما يوجد بعض الوقت في هذه العام لمساعدتهم لأنني لم أكن أدرس مقررات مستقلة ومهام عملي قليلة لكن بعد استكمال دراساتي العليا ستكثر المهام وسأستقل بمقررات أدرسها وحدي، وهذا لن يتيح الوقت الكافي للاستماع ومناقشة مشكلات الطلاب.
وأنا أجد رغبة شديدة في مساعدتهم لأنني في فترة من الفترات كنت مثلهم بحاجة للمساعدة، وأدرك تماما أن تقديم المساعدة للطالب الجامعي وحل مشكلاته يساهم كثيرا في تقدمه العلمي وتوازنه الحياتي، لكني لا أعرف ما هي الطريقة المناسبة لتقديم العون للطلاب دون أن أزيد العبء عليَّ وأرهق نفسي، مع العلم أن الإرشاد الأكاديمي والنفسي في هذه الكليات غير فعال فهو مجرد اسم على الورق، وأعضاء هيئة التدريس غير مهتمين بمناقشة مشكلات طلابهم.
وقد حاولت كثيرا في أثناء وجودي في الكلية أن أناقش هذا الأمر مع المسؤولين وأعضاء هيئة التدريس لأجد حلا مناسبا، لكن معظمهم غير مشجع لفكرة تدخل عضو هيئة التدريس في مشكلات الطلاب النفسية والاجتماعية، واكتفوا بالموافقة على مناقشة المشكلات الدراسية، ولا يخفى عليكم أثر المشكلات النفسية والاجتماعية على أداء الطالب؛ فأفيدوني أفادكم الله.
الحــــــــــل
سعدنا برسالتك سعادة بالغة؛ لأننا وجدنا لنا صديقة تقوم بمهمتنا التي نقوم بها على هذه الصفحة، وتغطي مساحة قد لا تستطيع صفحة أن تغطيها، وذلك لأن عضو هيئة التدريس يكون قريبا جدًّا من طلبته، ويكون بحكم موقعه قادرًا على تقديم العون المناسب لهم..
وإن اللقاء المباشر مع هؤلاء الطلبة والطالبات والحوار معهم في مشاكلهم يساعدهم كثيرًا في اجتياز الكثير من المشاكل والأزمات التي ربما يكون حلها هو مجرد إحساسهم بوجود مَن يتفهمهم ويقف بجانبهم، وإن الرُّوح الطيبة والإحساس الإنساني المرهف الذي يشع من رسالتك تجاه هؤلاء الطلاب والطالبات سيكون خير عون لك على القيام بهذه المهمة الجليلة والصعبة.
بدايةً نحن نبشرك ببشرى النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: "إنَّ الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.. ومَن فرَّج عن مؤمن كربة من كربات الدنيا فرَّج الله عنه كربة من كربات الآخرة"، ويقول الرسول الكريم في حديث آخر: "إن لله قومًا اختصهم بقضاء حوائج الناس"، ويجعل القيام بحوائج الناس خيرا من الاعتكاف في مسجده- صلى الله عليه وسلم- ويقول: "لأن أسعى في حاجة أخي خير من اعتكافي في مسجدي هذا".
وهنا ننتقل إلى النقطة الثانية، وهي حول سؤالك عن تنظيم الوقت وتدبيره من أجل حل مشاكل هؤلاء الطلاب؛ فنقول لك: إن الله الذي أعانك على خدمة هؤلاء الطلاب، ووفَّر لك الوقت لذلك، بالرغم من عدم قيام آخرين بالمهمة نفسها ممن توفر الوقت لديهم..
إن الله الذي وفقك لهذا الخير سيوفقك ويعينك عليه بعد زيادة أعبائك؛ لأن الله سيبارك لك في أوقاتك، وما يحتاج غيرك لإنجازه في أيام ستستطيعين إنجازه في ساعات، وإن حالة الرضا النفسي والسكينة التي ستحل عليك لما تقومين به من مهمة إنسانية ناحية طلابك ستعطيك الطاقة النفسية التي تمكنك من تحمل ذلك والاستمرار فيه.
ومع ذلك فإننا سنقدم لك تجربة قام بها أحد المدرسين في إحدى الجامعات، وكان يتمتع بما تتمتعين به من رُوح ساعية للخير ومتطلعة إليه؛ حيث قام بتحديد يومين في الأسبوع عرَّفهما لطلابه، وفي ساعة معينة يقوم فيها باستقبال طلابه وطالباته للحوار والحديث معهم في كل أمورهم، وعرف الطلاب هذه المواعيد والتزموا بها؛ بل نظَّموا أنفسهم على أساسها، بحيث لا يسببون الإرهاق لأستاذهم، وكانت تجربة جميلة جعلت علاقات هذا المدرس تمتد وتتواصل إلى أجيال تخرجت، ولكنها ظلت تحمل الجميل لهذا الإنسان الكريم.
عليك أن تضعي نظامًا لاستقبال طلابك وطالباتك، وستنزل البركة من الله على أوقاتك، وسيحبك أهل الأرض وأهل السماء، وكوني على صلة مستمرة بنا من فضلك.