أنا فتاة في السادسة عشرة من العمر، وفي العام الثاني من شهادة الثانوية الإنجليزية التي أحاول الحصول عليها، وأنا هنا في بلدي العربي، وهذه الشهادة تحتاج إلى مجهود كبير للحصول على معدلات عالية، وبالتالي التأهل لدخول كلية جيدة.
مشكلتي أنني لا أستطيع المذاكرة !!!
رسبت في ثلاث مواد من أربع خلال السنة الأولى وكانت صدمة كبيرة جدًّا لي، ثم أخرت مادة واحدة للإعادة، وأخذت على نفسي عهدًا أن أبذل قصارى جهدي للحصول على درجات مرتفعة، ولكنني لم أستطع، فكلما جلست لأذاكر شعرت كأن شيئًا ما يمنعني من المذاكرة حتى أشعر بالرغبة في البكاء؛ لأنني حقيقة أريد ولكن لا أستطيع المذاكرة، فقط أجلس ولا أفعل شيئاً أبداً!! أقضي وقتي بين النوم والبكاء رغم أنني جربت وسائل كثيرة للمذاكرة ولم أستطع.
هذا كله يحدث رغم أنني في اختبار الشهادة المتوسطة "الإعدادية" حصلت على مجموع أعلى من تسعين بالمائة. هل يمكنكم مساعدتي بأن تخبروني عما يحدث لي، وتنصحوني ماذا أفعل؟!
الحــــــــــــــــل
الأخت الكريمة:
ما تعانين منه هو أمر طارئ بدليل أنك حصلت على معدل مرتفع في شهادة الإعدادية، وكان هذا من عامين فقط.
وهناك احتمالات متعددة للأسباب الكامنة وراء هذه الأعراض التي تشتكين منها:
الأول: أنك تمرِّين بمرحلة المراهقة، وهي فترة تتميز بصفات نفسية، واضطرابات وجدانية ناتجة عن كونها مرحلة انتقالية بين الطفولة بأحلامها وبراءتها، والشباب بآفاقه ومسئولياته. وتتضمن هذه المرحلة طموحات كثيرة منها الطموح إلى تحقيق الذات، والاستقلال عن الوالدين، والتميز داخل المحيط الاجتماعي، والميل إلى انتقاد الآخرين بحثًا عن نموذج مثالي، وقدوة تتمثل فيها القيم العليا، وهدف أو غاية تجعل للحياة معنى وجدوى، أو طعمًا ونكهة.
كما يشيع في هذه المرحلة تفتح العواطف، وتوجُّه المشاعر إلى الجنس الآخر، وقد تنشأ في هذه المرحلة علاقات مما نسميه نحن في صفحتنا "الحب الأول".
وكل ما تقدم من صفات تميز مرحلة المراهقة، يمكن أن ينتج عنه قلق نفسي وتوتر ينعكس في أداء الشاب أو الفتاة للأدوار المطلوبة ومنها المذاكرة.
فهل ما تعانين منه من مشكلات تشتت وعدم تركيز مرتبط بسبب أو أكثر مما ذكرناه: مشاكل أسرية - عاطفية - توتر أو قلق بشأن أهداف الحياة أو غياب القدوة أو عدم وضوح الغاية أو معنى المذاكرة.. إلخ، ونرجو إفادتنا.
الاحتمال الثاني: أن تكون أفكار عدم المذاكرة هي أفكار وسواس متكرر يطرح عليك فكرة كريهة، ولكنها سرعان ما تسيطر على تفكيرك، وتشل حركتك، وتستطيعين التغلب على هذه الفكرة باستمرار تهميشها ومقاومتها.
والثالث: إذا كانت هذه الأفكار مصحوبة بنوع من التوتر أو الاضطرابات الأخرى في التفكير والإدراك والعواطف والعلاقات بالناس والقدرة على القيام بالواجبات الاجتماعية، والاهتمام بالشئون الشخصية، وما إلى ذلك، فربما تكون هذه مقدمات مرضية لتدهور نفسي أكبر، فهل هناك اضطرابات من هذا النوع ؟!!
هذا بشأن الأسباب المحتملة لما تعانين منه، أما عن العلاج فقد سبق لنا التعرض إلى برامج وخطوات المذاكرة والتحصيل الجيد، مما يمكنك الرجوع إليه باستخدام أداة البحث للوصول إلى الإجابات السابقة المتضمنة لكلمة "المذاكرة"، وباختصار ننصحك بالتالي:
1- الدافع الكافي للمذاكرة هو عبارة عن هدف واضح، ويستحق السعي إليه، مثل: دخول كلية بعينها أو العمل مستقبلاً في تخصص محدد، أو التفوق على الأخريات لإثبات الذات عبر المسار التعليمي، وعليك بتحديد هدف يغري ببذل الجهد.
2- لا بد من وضع برنامج معقول لتقسيم الوقت وتنظيمه بين المذاكرة والترفيه، وعلى غير ما يظن البعض فإن الترفيه السليم والممتع يبدو أحيانًا الضلع الغائب في مثلث التفوق الذي يتمثل ضلعاه الآخران في الهدف والجهد، فما هي برامج ترويحك عن نفسك؟!
3- لا بد أن يتضمن جدول المذاكرة تنويعًا في المواد، وتخصيصًا لقدر أكبر من الوقت والجهد للمواد الأصعب، وربما من الأحسن تنازلها في فترات التركيز الأعلى.
4- تقسيم الكتل الكبيرة إلى أجزاء أصغر، واستخدام أسلوب حل الأسئلة والتمارين، بالإضافة إلى المراجعة المستمرة للحفظ والاستيعاب.
5- اختيار الوقت والمكان والإضاءة والأغذية والإجراءات المناسبة للمذاكرة، والابتعاد عن الأماكن والأوضاع والأساليب غير المناسبة، وتنظيم الغذاء والنوم يبدو من أهم البنود.
6- المكان المناسب للمذاكرة هام؛ فهو يساعد على التركيز، والابتعاد عن الضوضاء، وحشد الطاقة الذهنية والنفسية المطلوبة، وينبغي الاهتمام بهذه الجزئية من أول المقعد والمكتب، إلى الإضاءة والترتيب.
7- الابتعاد عن شرب المكيفات بكثرة فهي تسبب زيادة في القلق والتوتر، وأحيانًا الأرق واضطراب النوم، بينما تبدو بعض الأعشاب، مثل: الكركدية، والينسون والنعناع، والعصائر الطبيعية أنسب وأفضل.
8- هيكلة الموضوع المراد مذاكرته بتقسيمه إلى عناوين رئيسية وأخرى فرعية، والمزج بين التفصيل والتلخيص، وتناول المعلومة بأكثر من طريقة ومن أكثر من زاوية.
9- تجنب الحفظ دون فهم أو استيعاب، وعدم تركيز هو الفاعل الرئيسي وراء النسيان السريع.
10- البعض يستفيد من المذاكرة الجماعية فهي وسيلة لتخفيف التوتر أحياناً، وكذلك لتبادل وتنويع أساليب التحصيل، والتواصي بالصبر والتركيز، والتهوين من أعباء المذاكرة بالمشاركة في الجهد المطلوب، وربما يفيدك طرق هذا الباب وتجربة هذا السبيل على أن تختاري صحبة مناسبة تساعدك، ولا تزيد في تعطيلك.
ولعلك يا أختي حين تفعلين هذا كله متوكِّلة على الله سبحانه، بادئة بحمده وتسبيحه، وقراءة بعض آيات من القرآن قبل المذاكرة، وفي فترات الراحة البينية؛ لعل الله أن يعينك ويمدك بالتثبيت، وسندعو لك بالنجاح والتوفيق، وسننتظر رسالتك.