بعد عودة مني للبيت, شعرت بالغضب والضيق, مالذي يعنيه احمد بما قال, هل هي حقا باردة عليه, انها تشعر بانها تنازلت معه لاقصي الحدود, يكفي انه غير من طبيعتها الكثير, بينما هو لا يقدر كل هذه التضحيات ,بل ويتهمها بالبرود والتقصير, شعرت بالسخط, واسخطها اكثر انها لم تعد تشعر بالسعادة معه كما كانت تشعر سابقا, حتى لمسة يده ,حين يسلم عليها , كانت تقشعر بدنها في بادىء الامر, وتسهرها اليالي , اما الان فاصبح سلام يده , وكأنها تسلم على اخيها, لم يعد له طعم , ولم تعد تشعر بشيء.
منى: ادخل.
دخل معتز في هدوء.
معتز:ماما بتسألك هتتعشي ولا لأ.
منى: لأ , انا اتعشيت برة, مش هاكل دلوقتي.
معتز: انا قلتلها كد برضة, اصل انا شفتك عند المطعم وانا راجع.
ارتجفت منى في ذعر, رآها؟؟؟,هي واحمد؟؟؟.
منى: شفتني؟, فين.
معتز: كنت راجع بالتاكسي من عند المطعم, كنتي واقفة مع شيرين وواحد معاكو, هو دا محمود؟, خطيب شيرين.
قالت في سرعة.
منى: اه , كانت بتعزمني ع الخطوبة, الجمعة الي بعد الجاية.
معتز: ما هي باين ماما رايحة, ممكن ابقي اجي معاكو.
زفرت منى في سرها في ارتياح ,بعد ان كادت تسقط مغشيا عليها من الرعب, ولم تصدق انه رآها حقا ولم تصدق ان الامر مر بسلام, وحمدت الله ان سترها, وشعرت بالحرج قليلا وهي تفعل ذلك, اذ تشكر الله على ان سترعليها امام اخيها بينما رآها هو ولم تخجل, فقالت.
منى: ايوة , ابقي تعالي معانا انا رايحة, هتبقي لسه ما سافرتش.
م*اهو حتى احمد ما يتعرضليش في الحفلة
معتز: لما نشوف, ربنا يسهل.
وخرج من الحجرة, وهي تشعر بأن ما حدث لها ما هو الا انذار لها, و رن في رأسها الف جرس , لن تقف معه بالشارع هكذا مرة اخري, لقد كان هذا وشيكا, وهي التي تضايقت من وجود شيرين وقتها؟, لكم حمدت الله على وجودها الان.
********************
كريم: ايه يا بني مالك؟.
احمد: ايه؟.
كريم: مزاجك شبة وشك.
احمد:طيب مش احسن مايبقي شبة وشك انت.
كريم: لا بجد يا ايمو, مالك ؟, مش في الموود من ساعة ما خرجنا .
احمد: مفيش.
كريم: ايه؟...., منى؟؟.
زفر احمد واشاح بوجهه.
احمد: مش فاهملها يا كريم, بتحبني ولا بتلعب بيا , ولا ايه بالظبط.
كريم: ليه كده بس, انتو مش كنتو خلاص بقيتو سمنه على عسل, ايه الي حصل؟, هي لسه ما قالتلكش بحبك ولا ايه؟.
احمد: مش حاسسها منها يا كريم, مش عارف ليه, بس مش حاسسها, البت بتقولي بحبك كأني دايس على رجلها.
كريم: ليه كده, انت مش كنت متأكد انها بتحبك في الاول.
احمد: كنت متأكد ميه في الميه, بس بعد كده بدأت احسها بتبعد عني وتقوي عليا , مش عارف ليه.
كريم: انت بتحبها بجد ,ولا ايه؟.
احمد: اه والله بحبها.
كريم: طيب يا بني , يعني بتحبها وبتحبك, ومع بعض مش بعيد, مالك بقي؟, مش مطمن ليه؟, مش يمكن عشان انت بتحبها بجد ومش متعود انك تحب حد, بتتصرف كده.
احمد: يمكن.
كريم: طب ما حاولتش تقولها؟.
احمد: ياريتني ما عملت, انا جيت اكحلها عمتها , قولتلها انتي تلاجة.
كريم: يخرب بيت عقلك, انت بجد عميتها, دا كلام يتقال.
احمد: معرفش بقي, انا مبقتش عارف حاجة , البنت دي هتجنني بجد.
كريم: ولا تجنك ولا حاجة, انت تتصل بيها شوية كده تعتذر وتلم الموضوع وتصلح الدنيا بقي وتنسي البلاوي, الي في دماغك الي ملهاش اساس دي.
احمد: مين دا؟؟؟, انا ؟؟؟,ابدا ما اتصل, انا ماقلتش حاجة غير الي انا حاسه, وحتى هي مردتش عليا كويس, دي كان ناقص تقولي اضرب دماغك في الحيط.
كريم: يا احمد ما تكابرش, عشان الموضوع ميخرجش من ايدك.
احمد: لا طبعا, انا عمري ما هعتذر , هي الي لازم تعتذر .
كريم: ياسلام يعني تبقي انت الي عاملها وتستهبل.
احمد: والله ابدا, ما اعتذر, ليه ؟؟؟,هو جنان؟.
كريم: انت حر, بس انا شايف انك لازم تبدأ انت, ما تستناهاش هي الي تتكلم.
احمد: لا يا كريم, مينفعش, انا... مش.... هتكلم.....,خلاص انتهينا.
*************
انتظرت منى اتصال احمد طويلا, ولكنه خيب املها ولم يتصل ليعتذر كما كان يفعل كل مرة, اما هذه المرة , فالامر مختلف, لقد تركها تمشي غاضبة , ولم يحاول حتى الاتصال والتحدث "باستعباط" وكأن الامر لم يكن, وكانت قالت لنفسها انه لو فعل هذا حتى لتناست الامر برمته, ولكنه لم يفعل شيئا , لا هذا ولا ذاك, شعرت بالغضب والدهشة والشوق في آن واحد, تري , مالذي في رأسك يا احمد؟.
م*كده يا احمد؟, الله يسامحك, ماتتكلمش خالص كده, اهون عليك؟؟؟
وياريته مكانش غلطان, لا دا بجح
بس انا رديت عليه جامد برضة
اديكي انتي قلتيها رديت عليه,يعني هو الي بدأ,هو الي جرحك الاول ,ياحبيبتي انتي رد الفعل
طيب ليه ما اتصلش لغاية دلوقتى؟
هو خلاص خد الي عايزة مبقاش عايز منك حاجة,انا بقول لو تشوقيه شوية, تتقلي عليه حبة كمان هيجي زاحف
منا تقلت اهه ,تقل هو كمان
ايه هتسلمي من اولها؟؟,والله لو انتي مش عاجباه نشوف غيره ,هما الولاد خلصو في الدنيا؟ ,يروح احمد فيه مليون احمد ولا انتي مستهونة بنفسك
بس انا بحب احمد
انتي لسه مصدقة نفسك,.......ما علينا, اصبري شوية متجريش زي الهبلة تكلميه
ماشي انا هصبر شوية كمان ,لما اشوف بيحبني ولا لأ
أ*طبعا يابني وهي هتشغل بالها بيك ليه, ما خلاص, اتعودت انت الي تدادي وانت الي تطبطب
..................................................
وتصدق بالله انها فعلا تلاجة زي مانت قلت, انت ما غلطتش, واهي بتثبتلك كلامك, هو حد بيعمل في حبيبه كده برضة , حد بيقدر يستحمل يبعد عن حبيبه كل دا؟, اسبوع ونص ؟؟؟, دي جبارة
انا مش عارف هي ايه ؟, بجد , حجر؟؟
يا بني البت بشتغلك, وانت مسلم ع الاخر وحارق دمي
بس هي مكانتش كده
كله من اصحابها الي هي رميالهم ودانها ,انت غلطان الي مخليها لسه معاهم
كنت هعملها ايه يعني, حاولت والله ابعدها عنهم معرفتش ,منتا شايف
لا, بس هي المرة دي زودتها اوي, دي مسألتش كأنها استريحت انك مشيت
متقولش كده, اكيد هي بتفكر فيا , بس هي بتكابر
تكابر مين يا بني, دي عدت التقل, الي بتعمله دا اسمه استبياع
لا مني متعملش كده ابدا, بقي كده؟, ممكن منى تبيعني؟؟؟
شوف انت بقي
اخص عليكي يا مني , مكانش عشمي فيكي بجد
*************************
م*لاااااااااا كده كتير يا احمد, دانت بايعني بقي خلاص , مفيش حتى سؤال؟
مانتي الي خلتيه يا خد عليكي ,لو كنتي ورتيه العين الحمرا من الاول كان عرف يعاملك ازاي
يعني اعمل ايه دلوقتي؟
اثبتي كده وامسكي نفسك ,لو طول كده انا عندي ليكي خطة
ايه هي ؟؟
احنا هنشوف اخره في الخطوبة ,لو فضل على عنده ,هنرجعه, ونديله جرعة حب ,وبعدين نسيبه
ايه دا؟؟؟؟ , لا طبعا , ايه الكلام الغريب دا
امال انتي عايزة ايه؟, عايزاه يسيبك هو, سبيه قبل ما يسيبك
لا يسيبني ولا اسيبه, هو هيرجع لعقله قريب اوي وهيعتذر وخلاص
ولو ما اعتذرش؟؟
هيعتذر
ولو ماعتذرش؟؟؟
اووووف, نبقي نشوف الطريقة التانية دي
هو دا الكلام
*************************
شعرت منى بالدهشة لان معتز عزم فعلا على الذهاب معها للخطوبة, فحاولت اثنائه عن عزمه , فهي تريد التحدث مع احمد ان امكن, وبالفعل كاد معتز يمتثل لكلامها,لولا ان مرضت امها وصار لزاما على معتز الذهاب معها حتى يكون تصريحا للتأخير كما تريد في الحفل, ولم ترد ان تضغط عليه حتى لا يلاحظ عدم رغبتها في مجيئه, وخافت من جنون احمد المعروف عنه , ولكنها لم تكن لتتراجع عن الذهاب فهذه فرصتها لمعرفة نهاية هذا الخصام الذي لم يكن له مبرر, اللهم الا عناد كل فرد فيهما .
************************
كريم: ايمو ايمو , منى جت.
التفت احمد في لهفة.
احمد: فين دي؟.
كريم: هناك اهي , هو مين الي معاها دا؟, اخوها؟.
دقق احمد النظر ثم قال.
احمد: اه , دا معتز اخوها الي في صيدلة.
كريم:منا قلت برضه شكله صيدلة,....هتعمل ايه يا مان ؟؟, هتكلمها؟,...واخوها هتعمل فيه ايه؟.
احمد: دا اخوها دا واد عسل انه جه النهاردة.
وترك كريم مسرعا ناحية منى ومعتز دون ان يدرك كريم نيته, او ان يلحقه, وتوجه مباشرة ناحية منى التي توقفت لتسلم على ميرنا , وقال.
احمد: ازيك يامني؟, عاملة ايه؟.
ومد يده ناحيتها , التفتت منى تنظر له بذعر , ما هذا الذي يفعله ؟, اوصل به الجنان لهذه الدرجة, ونظرت الي يده الممدودة وهي تشعر بان الارض تميد بها, فنظر اليها معتز متسائلا عن عزوفها عن السلام على الشاب الذي ناداها باسمها ,فلم تجد بدا من ان تسلم عليه باطراف اناملها,فشد هو على اصابعها , ثم التفت وانصرف , ولم يسلم لا على ميرنا ولا على احد سواها , بينما شعرت منى بالدوار, ان احمد مجنون وكان يجب ان تتوقع منه أي شيء, وهذا كان اخر شيء ممكن توقعه منه, انه مصر على احراجها ,وفعل هذا عمدا .
ابتعد احمد عن منى وهو يشعر بالسعادة, بل وتمني لو كان اخبر معتز انه حبيب اخته, لقد استراح بعد فعلته هذه بشده, انه يذكر منى انها لازالت له , وانه لن يتركها ولكنها عليها ان تكلمه , وانها اخطأت في حقه وبهذه الطريقة سيحملها هي على التحدث معه .
بعد فترة من دخول العروس , جلست مني مع اخيها وقد تعجبت من هدوئه وعدم تعقيبه علي ما حدث, ولكنها لم تحاول فتح الموضوع, وبحثت عن احمد بعينيها حتى وجدته, وانتظرت حتى انفرد بنفسه قليلا , فارسلت له رسالة.
" استناني برة القاعة حالا "
واعتذرت من اخيها ,وقالت انها ذاهبة التواليت, وخرجت واحمد يتابعها ببصره, ثم انتظر قليلا , وخرج خلفها.
************************
وقفت منى في غضب تنظر لاحمد وهو قادم ناحيتها في برود, ناظرا اليها في تحد.
منى: ممكن افهم ايه الي عملته ده؟, انت اتجننت؟؟.
احمد: ايه ؟, بلاش اسلم عليكي , ولا انتي ما صدقتي اننا مبنتكلمش وجاية لابسة ومتزوقة, ايه يا منى ؟, جاية تدوري على عريس؟.
منى: احمد, انت بتتكلم معايا باسلوب وحش ,لو سمحت خد بالك من كلامك.
احمد: انتي الي خدي بالك من تصرفاتك يا هانم, جايبة اخوكي معاكي؟؟؟, ليه؟, هيحميكي منى؟, اديكي عرفتي ان مفيش حاجة ممكن تحميكي منى.
منى: انت الي بتتصرف بهبل زي العيال الصغيرة, ممكن افهم كان قصدك ايه بالي عملته؟.
احمد: قصدي افكرك يا هانم انك مرتبطة, ومش فاضية , واني راجل مش شوال بطاطا, وانا لسه موجود مامشتش.
منى: وانا عملت ايه بقي خلاك شوال بطاطا؟.
جذب يدها وهو يقول.
احمد: اعدلي الخاتم الي في صباعك دا, انا مش ميت مرة قلتلك متلفيهوش كده ,انتي مش مخطوبة ولا نسيتي.
جذبت يدها منه وقالت.
منى: وانت مالك, مش انت ما بتعبرنيش بقالك اسبوعين, ايه بقي؟, دلوقتي افتكرتني وعاملي فيها سي السيد؟, دلوقتي عرفت ان انا موجودة.
رق صوت احمد.
احمد:انتي على طول موجودة, بس انتي الي بتتقلي عليا معرفش ليه .
خفت صوت منى ايضا.
منى: يا ايمو الي بيحب حد ما بيتقلش عليه, وانا ما بتقلش عليك عشان انا بحبك.
شعر احمد بالغبطة والدهشة يملآنه ,ان منى تقول له بحبك دون ان يطلب منها هذا, لقد تغيرت تماما.
احمد: انا الي بحبك وبحبك وبحبك , انتي متعرفيش الاسبوعين الي فاتو عملو فيا ايه, انا كنت خلاص هتجن , انتي ازاي سايباني كده, من غير سؤال.
منى: انا الي قلت انت شوفتلك واحدة تانية تحبها , بقي كده يا احمد , اهون عليك بالشكل دا؟.
احمد: انتي الي مش حاسة بنفسك , يا منى انتي قلتيلي انا كده والي عاجبك اعمله, وسبتيني ومشيتي , افهم من كده ايه؟.
منى: افهم ان الي عاجبك اعمله , وانت الي عاجبك كان بانك تسيبني بقي ان شاء الله؟؟.
احمد: يا منى ما تقوليش اسيبك دي تاني, انا فهمتك ميت مرة , انا مش هسيبك, وعمري ما هسيبك تسيبيني, افهمي الكلام دا كويس.
منى: طيب ليه ما كلمتنيش؟.
احمد: كنت غبي, فاكر اني اقدر ابعد عنك, لقتني بحبك اكتر.
ابتسمت مني في انتصار وقالت.
منى: ماشي , متعملهاش تاني انا بقلك اهه.
احمد: وانتي متفكريش تبعدي عني تاني ,انا الي بقلك اهه,عشان انا مضمنش ممكن اعمل ايه ساعتها.
***********************
جلست منى في السيارة مع اخيها هائمة, سعيدة بما حدث, وبأنها تصالحت مع احمد بشكل لم يجرح كرامتها ويجعلها هي البادئة , وحمدت الله على ان احمد لم يركب رأسه , ويعزف عن التحدث معها, قطع حبل افكرها معتز.
معتز:شيرين كانت حلوة اوي النهاردة.
التفتت اليه منى تفوق من شرودها.
منى: فعلا, كانت زي القمر.
معتز: بس خطيبها مكانش حلو, اسمر وقصير.
تعجبت الحديث وهي تقول.
منى: فعلا , هو مش حلو.
معتز: اصل الي انا شفته معاكو يوم ما عزمتك على الخطوبة كان ابيض وطويل.
اتسعت عينا منى في رعب, وقد فهمت مايجري.
معتز: الي شفته معاكو مكانش خطيب شيرين , الي كان معاكو الولد الي جه سلم عليكي النهاردة.
واسقط في يد منى.